كن جميلاً تر الوجود جميلا


  كن جميلاً تر الوجود جميلا (1)

الجمال لا يقتصر على الشّكل الخارجيّ فقط، فالمظهر وإن بدا لك جميلاً فهو لا يظهر سوى القليل  من جمالك الحقيقيّ.
الجمال سرّ لا يدركه إلّا من امتاز بالبحث عن الجمال... فابحث أوّلاً قي داخلك، وعاين روعتك، ولا تبخل  على الآخر بإبراز مكامن الجمال في نفسك
كلّما استيقظت صباحاً، ورغم كلّ ما يحيط بك من ألم ووحشة، ورغم كلّ الصّعاب، انظر إلى نور الشّمس وتعلّم منها الإشراقة البهيّة. لا تمنعها غيوم ملبّدة في صفحة السّماء، فهي وإن حجبتها، يبقى نورها سمة الحياة
ليست المسألة أن تولد جميلاً، إنّما أن تكون جميلاً. اصنع جمالك لترى الوجود جميلا.

كن جميلاً تر الوجود جميلا
كن جميلاً تر ذاتك جميلة
كن جميلاً تر مَن حولك جميلا
كن جميلاً ليكون الكون جميلا

___________________________________________
كن جميلاً تر الوجود جميلا (2)
تبتغي عالماً كاملاً يخلو من الألم والمرض والحزن والخيانة وعدم التّفهّم... لعلّك لو بحثت في جمال هذا العالم ستجد مقابل كلّ لحظة يأس، لحظة أمل وفرح. فالنّقصان في هذا العالم نعمة وحافز للبحث في أموره.
                                
إن تألّمت من مرض، أو حبّ، أو فقدان عزيزٍ، إن خانك بعضهم أو هجروك، إن عبثت الدّنيا بمطامحك، وكانت المتاعب عواصف هوجاء، وبدّدت رياح عاتية أحلامك، افتح نافذة بصيرتك وانظر إلى زهرة تنبت بين الصّخور. عندها سوف ترى الجمال يتحدّى القسوة، فعند أقدام هذه الزّهرة اندثرت صلابة الصّخور.
ليست المسألة أن تتغلّب على أحزانك بل أن تنظرها بعين الجمال.. فعيْن الجمال في نفسك لا خارجها..
كن جميلاَ تر في الألم نعمة
كن جميلاً تر في الحزن فرحا
كن جميلاً تر في القسوة زهرة
كن جميلاً وامتلك كوناً رحبا
___________________________________________
كن جميلاً تر الوجود جميلا (3)
تتألّم من فراق حبيبٍ، رسمت الأيّام بينكما ودياناً عميقة أو جبالاً شاهقة. ترى طيفه في ذاكرتك وتتأمّل خياله في حنينك إليه. تناجي اللّيل والدّموع تغسل وجهك الحزين فيبدو شاحباً كئيباً، وقلبك يتمزّق بين لوعة النّسيان ونعيم الحضور، ويخفق حدّ الذّوبان.
ولكن، ألا تعي أنّ البعد والقرب في عالم الحب سيّان، وأنّ اللّيل ما كان إلاّ لمناجاة الحبيب بأعذب الكلمات، لا بدموع تطفئ لهيب نار الحبّ؟ والحبّ قوّة تهدم الجبال وتحوّل الوديان سهولاً فتسرح فيها الرّوح حرّة وتهرع للقاء الحبيب أينما كان. تلامس روحه وتعانق كيانه، فتلتقيان أبداً.
كن جميلاً وحوّل الحزن عبق فرح بقوّة الحبّ. وأحبب بجمال روحك لا بأنين الوجد، تلقَ الحبيب دوماً...
كن جميلاً تر الحبيب فيكَ
كن جميلاً يكن الحبيب لكَ
كن جميلاً واحمله في قلبكَ
كن جميلاً واغلب الأيّام بحبكَ
___________________________________________
كن جميلاً تر الوجود جميلا (4)
البسمة رونق الجمال، سحرها يضيء وجهك فتنفرج أساريرك. ابتسم دائماً وإن كان القلب حزيناً. هي تعكس جمال القلب والرّوح فتريح النّاظر إليك، وتخلق جوّاً من الارتياح.  كثيراً ما نلتقي بأناس لا يحتاجون إلّا لبسمة، تبلسم جراحهم وتكفكف دموعهم. فلا نبخلنّ على أحد ببسمة جميلة نقدّمها له كزهرة صباحيّة، كنسيم عليل يداعب النّفوس، كدفء تعبّه الأنفاس.
اُرسم بسمة على شفتيك، وانثر سحر جمالك عطراً يحمله النّسيم ليعبق أينما كان.

كن جميلاً وارسم الفرح زهرة
كن جميلاً وامسح الحزن ببسمة
كن جميلاً وانسَ الهمّ برهة
كن مبتسماً تكن جميلا
___________________________________________________
كن جميلاً تر الوجود جميلا (5)

تأمّل البحار والمحيطات، فهي في ظاهرها  مقسّمة ومتباعدة. ولكنّ سرّ جمالها في باطنها. أعماقها واحدة ومترابطة ومتماسكة ولا يفصل بينها شيء. وسرّ جمالك في نفسك، فابحث عنه هناك، في عمق ذاتك حيث الأنتَ الحقيقيّ.
لا تعوّل على جمال المظهر وإن كان مهمّاً، إلّا أنّه لا يضاهي جمال نفسك الّذي لا يشيخ ولا يخطّ عليه الزّمن سطور العجز. وإنّما جمال نفسك كالخمر المعتّقة، كلّما مرّ عليها الزّمن  لذّ طعمها وطاب شرابها.

كن جميلاً وتأمّل ذاتكَ الجميلة
كن جميلاً وافتح قلبكَ للحياة
كن جميلاً وبدّل خابيتكَ العتيقة
كن جميلاً واجعل الكون جميلا
___________________________________________________
كن جميلاً تر الوجود جميلا (6)
إن يوماً ذرفت عيناك الدّموع، فلتذرفها بصمتٍ، لتعبّر عن رقيّ يمهّد لولادة السّعادة من الألم. ليست الدّموع للنّواح بل ليشقّ بها الألم أثلاماً تُبذَر فيها بذور الوجع فتزهر سنابل فرحٍ تعبق بأريج النّقاء.
كن جميلاً وليكن ألمك للفرح كي لا يفقد قيمته ويتلاشى حزناً. وليكن  للحياة كي لا تخنقه  مخالب الموت.
كن جميلاً واذرف الدّمع صمتا
كن جميلاً ولترتشفه الرّوح فرحا
كن جميلاً واصغِ لجبران قائلا
ما الألم إلّا طبيب للنّفوس المريضة
___________________________________________
كن جميلاً تر الوجود جميلا (7)

جمال إنسانيّتك يكمن في قدرتك على العطاء. والعطاء لا يقتصر على الماديّات وإنّما يشمل كلّ إمكاناتك. فابحث عن المحتاج بنفسك، ولا تنتظر أن يأتيك راجياً، وأدرك حاجته دون أن يطلب. هناك من هو بحاجة لبسمة أو إصغاء، لكلمة عزاء أو عبارة تفهّم. ولا يكن عطاؤك مشروطاً ببديلٍ بل أعطِ وحسب. ليكن عطاؤك كزهرة تمنح عطرها دون حساب، وكينبوع لا يسأل الآتي إليه: من أنت؟
في كلّ مرّة تمنح من ذاتك للآخر، تزرع فيه جزءاً منك ومعاً تشكّلان قطرات فرح تجتمع لتكوّن محيط المحبّة.

كن جميلاً وامنح من ذاتك بسخاء
كن جميلاً كزهرة تعطّر الأنحاء
كن جميلاً  تمسِ دواء لكلّ داء
كن جميلاً واعطِ حتّى يوجع العطاء
___________________________________________
كن جميلاً تر الوجود جميلا (8)
تجلس خلف ستارة ذاتك، يستحضرك الماضي بعذاباته ويسرق منك الحاضر أجمل لحظات حياتك، ويحجب عنك المستقبل ملامح فرح قد يطلّ  متخللا السّحاب.
تبحث عن رفيق أو صديق يؤنسك في وحدتك القاسية، فتنهمر عبراتك إذ لا تجد سوى خيالات تدمي قلبك وتؤلم وجدانك. 
تشجّع ولا تسمح لوحدتك أن تأسرك فتنوء بنيرها عليك.
تشجّع، وانعم بلحظات الوحدة وسافر في أعماق ذاتك، وأصغِ جيّداً لهمسات روحك تتصاعد منها. كن جميلاً، وحوّل نقمة الوحدة إلى نعمة. انظر نور شمعة صغيرة وهي وحدها تتحدّى ظلمة حالكة.
كن جميلاً وابحث قدر استطاعتك عن لحظات سعيدة  في ماضٍ سحيق، جسّدها في واقعٍ مرير، واختزنها لمستقبلٍ مجهول. هي أيّام تمضي، ولا نملك منها إلّا اللّحظة، فلنعشها راضين، ولننتزع الفرح من قلب الألم...

كن جميلاً تر الوحدة نعمة
كن جميلاً وانظر النّعمة أملا
كن جميلاً وأشعل قلبك نورا
كن جميلاً تتحدَّ الظّلمة
___________________________________________
كن جميلاً تر الوجود جميلا (9)
التّواضع سمة عظماء النّفوس، ولا يكتمل جمال الإنسان إلّا به. و التّواضع هو أن ينظر الواحد منّا إلى الآخر بعين المساواة والإنسانيّة، وألّا يعتبر أنّه الأفضل. فكلّ إنسان يحمل في داخله فضائله وإبداعاته، ولا يخلو أحد من هذه الامتيازات. وليس التّواضع  أن تتنكّر لفضائلك، وإنّما أن ترفعها، وتحاول التّخلّص من سيّئاتك ليظهر جمالك بكلّيّته، وبذلك تقيّم نفسك باستمرار إلى أن تبلغ كمال إنسانيّتك. وهو أن تنحني ليرتفع الآخر معك وبك، فتساهم في بنائه وتقدّمه، فيغدو الكون بأسره جميلاً.
تواضع فترتفع، واحسب الآخر أفضل منك. واسمُ بجمالك إلى أرفع الدّرجات، وانظر  بحنوٍّ من علاك، وانزل بنبل لترفع من هم في الأسفل.
كن جميلاً متواضعاً
كالشّمس تشرق ساطعةً
لا تميّز أخياراً أو أشراراً
بل تهب نفسها حبّاً وحياةً
كن متواضعاً تكن جميلاً
___________________________________________
كن جميلاً تر الوجود جميلا (10)
كن ممتنّاً دائماً لكلّ شخص تصادفه في حياتك. اشكر من ساعدك لبلوغ هدف ما، أو ساهم ولو قليلاً في نجاح كنت تحلم به، أو كان أنيساً في أيّام محنة أو رفيقاً في أوقات فرح. واشكر من أساء إليك فإساءته أعطتك درساً ً تخطّ به خبرتك الإنسانيّة، وصقلت شخصيّتك، وعلّمتك أن تحذر وتترقّب وتتمهّل. واعتبر كلّ إنسان تصادفه في حياتك كنزاً ثميناً حافظاً إيّاه في قلبك وعقلك. فإن أصبح صديقاً، حفظته في حنايا روحك، فتزداد جمالاً. وإن كان عدوّا حفظته في ذاكرة حكمتك، تبني به إرادتك وعزيمتك.
ازرع التّقدير في نفوس المحيطين بك  فتحصد محبّتهم..
كن جميلاً
واعترف بعطيّة صديقٍ
وتقبّل إساءة عدوٍّ
ربّ إساءة علّمتك حكمة
وعطيّة زادتك نعمة
___________________________________________
كن جميلاً تر الوجود جميلا (11)

الكلمة سرّ المتكلّم، فإذا  كانت صادقة وطّدت علاقتك بالآخر، وإذا  أتت باهتة وفارغة خلقت هوّة تجعل العبور نحوه صعباً. والكلمة عبارة عن أحرف مترابطة تنبع من قلبك تتّجه نحو عقلك فيأمر بإلقائها خارج ذاتك. ومتى خرجت فلا سبيل إلى عودتها. فكم  ندمتَ على كلمة تفوّهتَ بها جرحت مشاعر الآخر... من المهمّ جدّاً أن ننقّي قلوبنا بالمحبّة، ونزن كلماتنا قبل التّفوّه بها، فتخرج صادقة وأمينة لشخصنا.
إن أثنيت فليكن ثناؤك دفعاً من الكلمات المشجّعة والدّاعمة، وإن انتقدت فاختر كلمات إيجابيّة تدعو الآخر إلى سماعها دون أن تثير مشاعره وتوقظ غضبه. كن صادقاً غير مجاملٍ فالمجاملة تحمل في حناياها شيئاً من الإسترضاء والنّفاق، وإن أتى صدقك جارحاً بعض الشّيء فاعلم أن جرح الحقيقة يفتح بصيرة الإنسان، أمّا جرح الكذب فيقتله.
صن كلمتك واحترمها، ولا تلقِ بها أمام من أصيبوا بصمم العقل والرّوح، واحتفظ بها لمن هم جديرون بها.

كلمتك هي أنتَ
 فلتكن بلسماً شافيا
وهمساً رقيقاً،
وإن ضاعت منك كلمتكَ
كن جميلاً والتزم الصّمتَ.
___________________________________________

كن جميلاً تر الوجود جميلا (12)

تتأمّل أخطاءك الكثيرة فتحزن وتنفرد، وتنعزل متأمّلا مفكّراً بالخير الّذي تريده ولا تفعله وبالشّرّ الّذي لا تريده وإيّاه تفعل. دع التّأمّل يأخذك إلى الإحساس بالذّنب الإيجابيّ وليس السّلبيّ، واعترف أمام نفسك وبصدق بما ارتكبته من أخطاء أساءت إليك وإلى غيرك. فالاعتراف بالخطأ تواضع يدفعك إلى تحمّل المسؤوليّة أمام ذاتك وأمام الآخر فلا تعود للفعل نفسه. أمّا إن اتّخذت منحىً سلبيّاً في التّفكير، فستبقى طوال حياتك تؤنّب نفسك وتخطئ الأخطاء ذاتها، وتدور في حلقة مفرغة يائسة.
قد يكون الخطأ نعمة، تشكّل حياتنا وترتقي بها  إلى الأفضل والأجمل، وهو لا ينتقص من إنسانيّتنا وكياننا، وإنّما يساهم في تنمية خبراتنا وصقل شخصيّتنا على أن لا نستلذّ أخطاءنا ونغرق فيها. والحياة خطأ وصواب، وهي أشبه برسم القلب ذي الخطوط المتعرّجة، الّذي يؤشّر إلى استمراريّة الحياة، أمّا وإن توقّف فهو ينذر بالموت.

حتّى وإن أتعبتك الأخطاء
حتّى وإن فقدت أمل النّجاة
قم، واطوِ صفحة من الحياة
كن جميلاً، إنهض وابدأ من جديد
___________________________________________
كن جميلاً تر الوجود جميلا (13)
تخشى على نفسك من نظرة الآخر لك، فتبحث عن إرضائه بشتّى الوسائل، خوفاً من أن تتشوّه صورتك أمامه. هذا الخوف سيحجب عنك رؤية جمالك الحقيقيّ، فتقف أمام مرآة ذاتك لترى صورة محجّمة وهشّة، وتبحث عن أناك فلا تجدها.
ليست المسألة أن تحيا بمعزل عن الآخر بل أن تحيا ذاتك كما أنت وبصدق، واثقاً من جمالك الإنسانيّ. يكفي أن تكون صادقاً مع نفسك ليتفجّر الجمال من داخلك فتتقبّل صورتك وتحترمها كقيمة إنسانيّة من خلالها تعيش ملء الحياة .

ثق أنّ الجمال هو صورة إنسانيّتك الحقيقيّة فدعه يسطع في محيطك، واعلم أنّك زهرة في حديقة هذا العالم ولا بدّ أن تعطّر الكون برائحتك المختلفة والمتميّزة.

كن ذاتكَ كن أنتَ
كن متفرّداً كن متميّزاً
كنخلة في صحراء قاحلة
 كأقحوانة مع إطلالة الرّبيع
___________________________________________

كن جميلاً تر الوجود جميلا (14)
التّسامح سرّ الأقوياء، فكن من ذوي القلوب المترفّعة عن كلّ ضغينة وكراهية. والتّسامح ليس التّساهل وإنّما تفهّم لسلوك معيّن دون تبريره، مع اجتناب الرّدّ بالمثل. فما قيمة إنسانيّتك إن واجهت الإساءة بذات الفعل؟ وأين تكمن قوّتك في ردّة فعل عشوائيّة لا ترتدّ عليك إلّا بالسّوء؟ وكيف يسطع جمالك إن سمحت للحقد أن يشوّه ذاتك الإنسانيّة؟
تجمّل بخلق المتسامح  لتنطلق حرّاً في هذا العالم، فلا يعيق خطواتك جاهل يتباهى بحقده ليملأ منك ما نقص في ذاته. كلّ منكما سينال نتيجة أعماله، هو سيغرق في بحر غروره  ولن يجد منقذاً، أمّا أنت فستسمو كجبل شامخ يرقب الأسفل من عليائه، ويجاور السّماء في رفعته.

كن جميلاً واغفر الإساءة
قد لا تخلو منها ذاتكَ
دع عنك الحقدَ والنّقمة
 كن جميلاً واعدُ نحو المحبّة
___________________________________________

كن جميلاً تر الوجود جميلا (15)

الصّداقة كنز الحياة، وحبّذا لو كنت صديقاً أميناً ترافق خطى من هم بحاجة إليك. كن ذاك البعيد القريب والحاضر أبداً، تارة للتّشجيع  وطوراً للـتّعزية. كالملاك الحارس لا يفرض ظلّه بل يستشعر حبّه كلّ من أحسّ بضيق.
والصّداقة هي أن تمنح بعضاً من وقتك ولو يسيراً لمن حولك، وتسخى بذاكرتك على من تجاهلهم الدّهر وطوى صفحتهم. وهي المشاعر الإنسانيّة النّبيلة الّتي لا تعرف الغيرة والحسد، وتؤثر التّفهّم والتسامح.

كن جميلاً وافرح مع الفرحين
وامنح قلبك معزّياً لأناس منسيّين
كن اليد الحنون على أكتاف منحنية
كن صديقاً وفيّاً تكن إنساناً جميلا
___________________________________________
كن جميلاً تر الوجود جميلا (16)
قد تضيع منك أحلامك كما تتسرّب المياه من بين أصابعك أو تراها تتهدّم أمامك فتشعر أنّك تغرق في مستنقع من الأحزان والآلام وبمتلك قلبك  اليأس والخيبة.
تشجّع، وأعد بناء الحلم من جديد، ولو بقيت لحظة من حياتك. فالحلم يشعل وجودك برغبة الحياة، وينعش أملك في مستقبل أفضل. لا تيأس أبداً، لعلّك وأنت في بحر يأسك، استيقظت يوماً على حلمك يتحقّق، فكيف ستعانقه وتستمتع به إن لم تكن جاهزاً لذلك؟


كن جميلاً واحلمْ
 فالحلم ماء الحياة
وإن تهدّم الحلم يوماً
لملم الحزن واصنع منه حلماً
___________________________________________


كن جميلاً تر الوجود جميلا (17)

قد تكلّفك كلمة "لا" الكثير من الجهاد والنّضال وقد تجعلك تخطو في طريق ضيّقة تنبت فيها الأشواك وربّما بقيت وحدك وتخلّى عنك ذوو الأقنعة المخادعة. ولكن إن كنت مقتنعاً بها فقلها وتسلّق جبل الصّعاب مسلّحاً بكلّ الحبّ لقضيّتك أيّاً كانت.
لتكن عيناك مسمّرتين نحو القمّة ولا ترهبّنّك وسوسة العبيد، فالنير ثقيل على كواهلهم، وطريقهم مسدودة، أمّا أنت الحرّ فأبوابك مفتوحة على مصراعيها ولا تحمل على كتفيك سوى نير إنسانيّتك الحرّة.
ربّما يكون صعود الجبل أصعب من نزوله ولكنّ مشقّة الوصول إلى القمم  أشرف من الانحدار.

كن جميلاً وعبّر عن رفضكَ
أمام ساحقي الجمالْ
واخطُ حرّاً نحو الكمالْ
وإن تعثّرت بحجرٍ
أو زلّت أقدامكَ
قم واكمل المسير
نحو مجد حريّتكَ
وارتفع ملكاً
على قمّة الإنسانيّة.
___________________________________________

كن جميلاً تر الوجود جميلا (18)

إلى كلّ مناضل بالكلمة أو بالفكر، أو بالحياة، أنت الجمال الحقيقيّ للصورة الإنسانيّة. فلولاك لرقد العالم في سبات مميت، ولما وجد شعاعاً يضيء له سبيله. جمالك في بَذْلِك لذاتك من أجل قضيّة لا من أجل منصب أو مركز. وفي كلّ خطوة لك تسكب كلّ حبّك وصدقك من أجل أن تجمّل العالم أكثر فأكثر. أنت الباحث الأوّل عن الجمال، هو مصباح خطاك وهدفك الأسمى.
سرّ في طريقك حتّى النّهاية، إلى حيث تعاين جمالك الحقيقيّ، فكلّ من بذل نفسه لأجل أحبّائه، خطّ في صفحة الإنسانيّة تاريخاً مفعماً بالرّقيّ الإنسانيّ.

جمّل الكون ببذور نضالكَ
واروها من ندى دمكَ
فتثمر سنابل فكر
تشبع عقولاً جائعة
___________________________________________

إن أتاك صديق شاكياً، يرغب في أن تفرّج كربه، قد تدفعك محبّتك له وخوفك عليه إلى المضيّ في الوعظ وإكثار النّصائح، فيما هو يبحث عما هو أبعد من ذلك. والأبعد من ذلك هو التّفهّم والإصغاء.
دع الوعظ لأربابه واكتفِ بأن تصغي له باهتمام ثمّ تقول: "أفهمك". هذه الكلمة السّحريّة تريحه وتبعث فيه الأمل في حلّ مشكلته. وإن أسديت إليه النّصح، فليكن مقتضباً دون إسهاب فنصيحتك ليست ملزمة له، وما يشعر به من همّ وضيق لا تشعر به أنت وإن تعاطفت معه.

كن جميلاً واصغِ للمهموم
كما يصغي البحر للنّجوم
كن جميلاً وربّت على كتف من اغتمّ
وامنحه الأمل في غد أفضل
___________________________________________

كن جميلاً تر الوجود جميلا (20)

لا تنتظر الشّكر من شخص مددت له يد المساعدة أو أسديت له خدمة، بل وجب عليك أن تشكره لأنّك بعملك هذا، خطوت خطوة إضافيّة نحو إنسانيّتك الكاملة.
ولا تتذمّر من عدم خدمة الآخر لك، ولا تضيّع الوقت في الملامة والشّكوى. لا ترجو منك الوردة شكراً متى انتعش قلبك بأريجها، ولا تلومك الشّمس إن لم تعترف لها بجميل الحياة.

امنح من عطرك نسمة
وابذر أريجك بسخاء
مجّاناً أخذت من الحياة
فمجّاناً أعطِ...
___________________________________________
كن جميلاً تر الوجود جميلا (21)

افتح قلبك ليبصر ما لا تبصره عينك. نظرات العين محدودة وقد تكون خادعة أحياناً. فوأنت تتأمّل جبلاً شامخاً من بعيد، يتهيّأ لك أنّه صغير جدّاً.
وإن نظرت إنساناً لا ترمقه بعينيك بل دع قلبك يخترق جماله المحجوب عنك. فما تراه ليس هو الحقيقة، بل كلّ الحقيقة تحيا في داخله.

أغمض عينيك وعاين الجمالْ
وافتح قلبك واقتبل فيض النّورْ
تأمّل واحلمْ وارتقِ
وحده القلب يسمو بكَ
___________________________________________
كن جميلاً تر الوجود جميلا (22)

"أحبّك"، كلمة بسيطة وصغيرة إلّا أنّها عظيمة ومؤثّرة في النّفس. تتسرّب إلى القلب فتحييه من جديد وتبعث في نفس سامعها الشّعور بقيمته الإنسانيّة. فهمّ الإنسان الأوّل هو أن يكون محبوباً.
"أحبّك"، لفظة تختصر كلّ معاني الإنسانيّة من وفاء وإخلاص وخدمة وبذل شيء من الذّات في سبيل المحبوب.
قد يخحل البعض من التّعبير عن محبّتهم، ولعلّ ذلك يعود إلى اعتبارات لا يعترف بها العقل ولا يتأثّر بها القلب. أمّا من تحرّر من قيود التكبّر فإنه معبّر عن محبّته بالقول والفعل.
لا تخجل من التّعبير عن حبّك، ولا تأسره في سجن الكبرياء، واعلم أنكّ إن بادرت بالمحبّة، ارتدّت إليك فيضاً غامراً يملأ وجودك غبطة وسروراً.

قل أحبّك ولا تخجلْ
وليدوِّ رنين القولِ
قل أحبّك ولا تأبهْ
لعقل مشكّك أو قلب فارغِ.
___________________________________________

كن جميلاً تر الوجود جميلا (23)

إذا رأيت شخصاً يتخبّط وسط أمواج الحياة ، مدّ يدك إليه حتّى وإن كنت لا تجيد السّباحة. يكفي أن يرى كفك ممدودة كجسر خلاص ليلفحه هواء النّضال من أجل العيش وتحدّي مخالب الموت.

لا تقل هذا عدوّ، أو حبيب، فعباب الحياة لا يفرّق بينهما. مدّ يدك وحسب وأنقذ إنساناً يتراقص الموت على حافّة حياته.

كن جميلاً وخض العبابَ
بلا خوفِ
حياة شريك لك في الوجودِ
تستحقّ المجازفة
كن منقذاً تكن جميلا
___________________________________________

كن جميلاً تر الوجود جميلا (24)

لا تحكم على جماعة انطلاقاً من شخص أساء إليك أو لأحد المقرّبين منك، فالفرد وإن كان يعبّر عن الجماعة  فإنّه لا يجسّد كلّ أفكارها وتطلّعاتها. ولا تسعَ للانتقام منها بسببه فقد تظلم تلك الجماعة. فالأجدر بك أن تغوص في فكرها وتتبيّن حقيقتها، وعندها يكون حكمك صائباً، ووتفادى الكثير من الحقد والكراهية والتّشويه لإنسانيّتك.
 لم يغيّر الحقد يوماً فكراً ولم يلغه، وحده الحبّ سيّد التّاريخ ويغيّر مساره بالحبّ فقط.

كن حكيماً في تبيّن الأمور
واعفُ عن صغير أذنب
فالحكيم من رفع عقله
وليس الحكيم من اهتمّ بصغائر الأمور
كن حكيماً واجعل الكون جميلا
___________________________________________

كن جميلاً تر الوجود جميلا (25)

السّطحيّة مرض خبيث، وماء عكر يلقي بك على هامش الحياة. لا تظنّنّ أنّك تخلو من العمق الإنسانيّ إلّا أنّ عليك ألّا تكتفي بالوقوف على شاطئ الحياة معجباً بجمالها، فجمال الحياة في الغوص في أعماقها الرّحبة حيث يتجلّى جمالك الإنسانيّ. وكلّما كان الغوص أعمق ارتفعت إلى الكمال.
إن كنت لم تخترِ الوجود فاختر أن تصنع حياتك وأنعم على الإنسانيّة بكلّ طاقاتك.

اكتشف ذاتك الجميلة
وأظهرها كنزاً للحياة
واحفظها جوهرة ثمينة
في متحف التّاريخ
غداً سيمرّ بك متأمّل
ويغرف منك حكمة للعالم. 

___________________________________________

كن جميلاً تر الوجود جميلا (26)

لا تأسر العقل في سجون الجهل، فالعقل نعمة تدخل من خلالها إلى عالم الإنسانيّة المكتملة. هو الباب العظيم الذّي تعبر منه إلى الحرّيّة. فالجهل عبوديّة لا للعقل وحسب بل للإنسان بكلّيّته. والعبوديّة بنت الخوف، والخوف إذا ما استحكم، اقتلع الإنسان  من أرض الأحياء ورمى به في أتون الموت. هو ميزان العاطفة والرّادع الحقيقيّ للتّخلّف، به تنتقل من الظّلمة إلى النّور ومن الشّكّ إلى الحقيقة.
لا يكفي أن تكون عاقلاً لتستحقّ إنسانيّتك وتحقّقها، وإنّماعليك  ولوج  خبايا العقل واستثمارها في سبيل نموّك وانفتاحك على الآخر.. عندئذ تكون إنساناً.

في البدء كانت الكلمة
والكلمة انبثقت من عقل كامل
التحم بالحبّ
فأوجد العالم
___________________________________________

كن جميلاً ترَ الوجود جميلا (27)

إن شرعت قلبك للحبّ يوماً، وسلكت دروبه المفعمة بعطور العشق والهيام، اعلم أنّ الحبّ لا يكون إلّا للفرح والسّعادة. وإن أدخلتك مشاعرك كهوف الحزن والشّقاء وأفقدتك اتّزان العقل وأمسى مغيّباً وخاضعاً للرّغبة، اختلِ بنفسك واصدق معها واقتنع أنّه ليس حبّاً.
فالحبّ لا يعيش مع الحزن بل يحيا بالألم الّذي يصير فرحاً. والألم ليس الوجع وإنّما الألم،  ذلك الذي هو  للنّفوس داء يطهّرها فيرفعها ويسمو بها. أمّا الوجع فيولد من القلق والحيرة، فيأسرك التّملّك وتقتلك الأنانيّة.
من مهد الحبّ ننطلق
نحو حرّيّة اللّازمان واللّامكان
لا يعرف لحداً ولا حدود الأكوان
ليس الحبّ مرتبطاً بالآنيّة
وإنما الحبّ أزل يرسم طريق الأبدِ
___________________________________________

كن جميلاً ترَ الوجود جميلا (28)
يستتر في داخلنا جانب مظلم، قد نكون على علم بظلاميته كما قد لا نكون. فغالباً ما نسعى لإبراز صورتنا الجميلة في الظّاهر، إلّا أنّ مواقف عدّة تتولّد من داخلنا لتشوّه هذه الصّورة وبالتّالي فنحن بحاجة لمن يزيل الغبار عن مرايا ذواتنا لتبقى أبداً متوهّجة بجمالنا الإنساني. كما أنّنا نخاف أحياناً من أخذ المبادرة في إزالة الغبار عن ذات من نحبّ، ولا نرى إلّا القبح في من يسيئون إلينا.
يكمن الجمال في قدرتنا على تصويب الخطأ بفنّ، والبحث عن الصّواب في مستنقع الأخطاء. لذا، صارح صديقك بعيوبه وصوّب أخطاءه فيتمسّك بك ويجعلك محلّ ثقته ومحبّته، وابحث في عدوّك عن الجمال فيتحوّل صديقاً مقرّباً. قد يتهيّأ لك أنّ هذا الفعل شاقّ وأشبه بالنّحت في الصّخر، ولكن لا تنسَ أنّ الفنّان ومتى عانق إزميله حوّل الحجر إلى جمال ناطق وينبوع يتفجّر حياةً. وما قيمة جمالنا إن لم يكن أعجوبة تحوّل الجماد إلى حياة، وما قيمة إنسانيّتنا، إن لم تكن قوّة المحبّة في عالم الشّقاء؟
فلننحتِ الجمال في قسوة ظلمتنا، ولنحوّلها متاحف خالدة تحفظ في حناياها عراقة إنسانيّتنا.

كن جميلاً وانحت الحبّ في القلوب
كن فنّاناً ترَ القبح جميلا
___________________________________________

كن جميلاً ترَ الوجود جميلا (29)
                            
جمال الحياة حبيب وصديق، الأوّل يجمّل الذّات والثّاني يكتشف جمالها. والحبيب إذا ما أعتق النّفس من شوائبها أدخلها سرّ الجمال العظيم، والصّديق إذا ما اكتشف جمالها  أظهره بصدق وإخلاص.
الحبيب يجمّل النّفس بعذوبة الحضور وفيض الحبّ بسخاء، فيمسي حضوره أشبه بالوحي، يلهم العقل وينقّي الرّوح، فيظهر الجمال للعلن ويُسحَر به كلّ معاين له. هو الأنا المستترة الّتي تنقص لينموَ المحبوب، ويرتقي في عالم أعدَّ لمن كرّسوا قلوبهم للحبّ. هو النّعمة الممنوحة من الحبّ المطلق، والمتجذّرة في قلب الإنسان، تنمو بذاتها وتعظم حتّى تصير غمامة تظلّل الكون، يلج فيها الحبيبان ويتّخذانها بيتاً سرمديّاً، أبديّاً.
الحبيب سرّ النّفس متى تساءلت من أنا، وحقيقة الوجود متى ضاقت بالعقل شكوك الحيرة.
 والصّديق وباكتشافه الجمال يستفزّ كلّ قدرات النّفس ليصقلها ويزيدها جمالاً. إنّه القادر على رؤية ما لا تراه النّفس  والدّاعم والمشجّع لها ومصدر تحدٍّ لها في إبراز كلّ قدراتها الجماليّة. هو الأمين على الذّات من بعيد، ومرآتها العذبة من قريب، وبين بعده وقربه تنتفي المسافة ولا يبقى منها إلّا نسيمات تتغلغل في حنايا الذّات.

إن منحك الوجود حبيباً صديقاً فاعلم أنّك ولجت أسرار الكون العظيمة، الحبّ والخير والجمال، واعلم أنّ الحبيب الصّديق هو يد الحقيقة الممتدّة من علو لانتشالك من غربة العالم.

لي حبيب صديق إذا ما تأمّلته
منحني سرّ الجمال
لي صديق حبيب إذا ما اعتمدت حكمته
زاد جمالي جمالاً
___________________________________________

كن جميلاً ترَ الوجود جميلا (30)

يشبه جمالنا الإنسانيّ حبّات لؤلؤ  اتّصل بعضها ببعض لتكوّن عقداً ثميناً. نكتشف جمالنا حبّة حبّة كمن يمسك بمسبحة  متأمّلاً فيها روعة الجمال الأسمى، محاوراً إيّاه حوار حبّ مفعم بالرّقة والإتّضاع
لا نعي قيمة الجمال إلّا إذا انطلقنا من جمال أسمى يفيض بنوره على قلوبنا فنتفاعل معه وتبدأ رحلة البحث. في كلّ منّا فنّان يبحث في كلّ ما حوله عن الحقّ والخير والجمال، ولا يكتفي بذلك وإنّما قد ينقّب عنه في أبشع الصّور ويبدع منها لوحة تُحفظ في سفر التّاريخ.
وإذا كان الجمال الإنسانيّ أشبه بعقد من اللؤلؤ فهو لا يكتمل إلّا بأيقونة الجمال: الله الحبّ والجمال.
عندما تكلّم الله نظم قصيدة الكون، ورسم لوحة الطّبيعة ونحت جبالاً شامخة، وعزف ألحانه في تغاريد العصافير وخرير الأنهار وهدير الأمواج. وعندما أنشد نشيده الأوّل صنع الإنسان على صورته، مثالاً له، صورة الحبّ والجمال.
أنشدك أنت أيّها الإنسان فكنتَ، وفي عمق ذاتك نثر جماله الإلهيّ، فصرت للكون تحفة حيّة، تنضح حبّاً وتقطر سحراً. جمالك مرتبط به ولا يكتمل الجمال الإنسانيّ إلّا بنور الجمال الأسمى،  لأنّه الجمال الأوّل، منه وإليه كلّ جمال. ومتى سبح الإنسان في بحر الجمال فأنّى له أن يدرك القباحة؟ ومتى كان الإنسان أيقونة الله في هذا الوجود فأنّى له أن يلتفت إلى مستنقعات دميمة؟

كن جميلاً واسكنِ العالم غريباً
أنشدِ الحبّ فيه تحيا مليكاً
درب الجمال صعوداً يتجلّى
فاعرض عن الهاوية سبيلاً
كن جميلاً تر في وجه الله الوجود جميلا
كن جميلاً ترّ الله فيكَ

___________________________________________


























ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق