الجمعة، 27 مارس 2020

الرّمزيةّ والصّوفيَة في تجسيد كيانيّة العشق في قصيدة "خلايا الأربعة" للشّاعر الفلسطيني فراس حج محمد



مادونا عسكر/ لبنان
أولا: النّص
خلايا الأربعة
ثلاثةٌ وأربعُ نسوةٍ
فكيف يقتسمون ما زاد عن عدد الذّكور؟
لا بأس إن طمعوا في وجبة أخرى
على جسد جميل أبيضَ مثل الحرير مؤجّل لنهاية السّهرة؟
يتبادلون بمائهم بوردتها النّديّة
ويملؤون الكأس ثانية وثالثة ويخرقون المحبرةْ
ويخمدون على رماد محترقْ
ثلاثة وأربع نسوة غرقى بهذا اللّحم
منذ بداية الحضرةْ
يا ليتهم أكلوا على مهل خلايا الأربعة.
ثانيا: القراءة
يعتمد هذا النّص ببعديْه الأفقيّ والعموديّ على الرّمزية الّتي تخلص بالقارئ إلى عوالم الشّاعر الدّاخليّة العميقة. والمقصود بالرّمزيّة استخدام الشّاعر لمصطلحات تحتاج للتّفكيك كيما نتبيّن مقاصده أو نتلمّس بعضها.
يدلّ العنوان على حركة النّص الّذي تعمّد الشّاعر فراس حج محمد أن تكون مبهمة بعض الشّيء ليستفزّ القارئ إلى العلوّ والعمق في آن. (خلايا الأربعة). الخليّة جزء لا يتجزّأ من الحياة الإنسانيّة وينبغي أن تكون تامّة عاملة نشيطة كي لا ترهق الجسد، وبالتّالي فنحن أمام حركة نشيطة في كيان الشّاعر نفسه، بل حركة تامّة تؤمّن له السّعادة الكيانيّة. مع العلم أنّ (خلايا) منسوبة بالإضافة لـ (الأربعة) وليست للشّاعر. لكنّ ثمّة اتّحاداً بينه وبين هذا الرّقم الّذي له دلالة أرضية يدعمها الشّاعر بدلالة سماويّة (ثلاثة)، الرّقم الذي يرمز إلى العالم الإلهيّ (عالم الكمال). وهنا تتجلّى الحركة الأفقيّة باتّجاه العلوّ، والحركة العموديّة باتّجاه العمق.
(ثلاثةٌ وأربعُ نسوةٍ ) إذا اعتبرنا أنّ ثلاثة تعود إلى الذّكور مع أنّ الشّاعر لم يذكر هذا الأمر سنقع في الفخّ التّضليلي الّذي أراده الشّاعر. فثلاثة تساوي عالماً واحداً، ونجد أنفسنا أمام شخص واحد لا ثلاثة. وأمّا النّسوة الأربع فهي الخلايا الّتي ذكرها الشّاعر في العنوان. وهنا أيضاً سنكون أمام شخص واحد بدل الأربعة استناداً إلى الجملة التّالية (فكيف يقتسمون ما زاد عن عدد الذكور؟).
الاقتسام هنا معنويّ غير ماديّ، إذ يقصد الشّاعر كيفيّة اتّصال العلو الكامل بالعمق الأرضيّ. الخلايا الأربع تجتمع في جسد واحد، وهي ذاتها تحمل في داخلها ما هو إلهيّ. ولعلّ (الأربعة) ترمز ضمناً إلى جهات الأرض الأربعة، وبالتّالي ثمّة صراع بين السّماويّ والأرضيّ، أو بمعنى أتمّ جاذب إلى العلا وآخر إلى الأرض (لا بأس إن طمعوا في وجبة أخرى/ على جسد جميل أبيض مثل الحرير مؤجّل لنهاية السّهرة؟). الطّمع لا يسكن العلو، بل الأرض، وهو يرمز بشكل أو بآخر إلى الطّمع بالمزيد من الاحتراق والرّغبة. وأمّا الجسد الأبيض الجميل مثل الحرير فيرمز إلى العلو. فالكاتب يريد بالجسد الكيان كلّه وليس اللّحم والدّم. ما تؤكّده الجملة التّالية المتضادة مع الأولى (ثلاثة وأربع نسوة غرقى بهذا اللّحم). الوجبة الأخرى مؤجّلة إلى نهاية السّهرة أي إلى نهاية الحياة الواقعيّة بانتظار استكمال الحياة.  
سيمرّ الشّاعر بمراحل متصاعدة حتّى يبلغ المقام الأرفع (يتبادلون بمائهم بوردتها النّديّة/ ويملؤون الكأس ثانية وثالثة ويخرقون المحبرةْ) وما ملء الأكؤس إلّا تعبير عن هذه الحالة التّصاعديّة حتى بلوغ تمام النّشوة وذروة الحالة العشقيّة.
لا تخلو هذه القصيدة من المعاني الأيروسيّة إلّا أنّها تتخطّى الحدود البيولوجيّة إلى معنى الرّغبة بالحبّ. وهنا يدخل معنى الرّغبة إلى قسمين: الأوّل جسديّ يرتقي إلى الرّوحيّ ليلتزما معاً في رحلة النّشوة الصّوفيّة. (ثلاثة وأربع نسوة غرقى بهذا اللّحم / منذ بداية الحضرةْ). والخلايا تعمل معاً في جسد واحد، وهنا تتجلّى الحركة الصّوفيّة وتتراءى لنا سكرة صوفيّة يدور فيها الكاتب حول ذاته الكيانيّة، أشبه بدرويش يدور في حلقات الرّقصة الصّوفية، رافعاً يداً نحو العلوّ وممدّداً أخرى نحو العمق. يرغب بالمزيد من الانتشاء والاتّحاد (يا ليتهم أكلوا على مهل خلايا الأربعة).

الأحد، 22 مارس 2020

الكينونة البشريّة إناء الفيضِ الإلهيّ



مادونا عسكر/ لبنان
الإيمان هو ذاك الاشتعال القلبيّ الّذي لا يُستدلّ عليه بالمنطق العقليّ أو البرهان المنطقيّ والحسّيّ. إنّه السّرّ بين الإنسان والحبّ الأعلى. ولئن كان الإيمان سرّاً / Mystère لزم التّأمّل بإشراق الله في القلب والتّصادق معه حتّى النّهاية في علاقة خاصّة، تتفاوت حميميتها من شخص إلى آخر. إلّا أنّ الإيمان مبادرة من الله أوّلاً، فهو المبادر بفيض النّور في القلب، وكلّ إنسان مدعوّ إلى التّفاعل مع هذا النّور، كلّ بحسب استطاعته. ولا يخلو الوجود من إنسان غير قادر على الانفتاح على النّور الإلهيّ "لأنّه يشرق شمسه على الصّالحين والأشرار، ويمطر على الأبرار والظّالمين". (متى 45:5) وعبارة الشّمس الواردة في الآية تعود إلى الله، فالشّمس هنا هي الشّمس الإلهيّة. وهي أبعد من المعنى المحصور في ضيق العبارة وعجزها عن شرح الإشراق الإلهيّ. إنّها، أي الشّمس، النّور الأعلى والأسمى الّذي لا يدركه عقل إلّا إذا استنار به.
يتجلّى الإشراق الإلهيّ أوّلاً ويمنح ذاته للكلّ دون محاباة أو تمييز. وهو متجلٍّ منذ الأزل كحقيقة تؤجّج القلب ليعشق فيتحرّك العقل ليبحث بالاستنارة الممنوحة له من القلب وليس العكس. إنّ حقائق الوجود تتّخذ مساراً معاكساً لتنطلق من العقل الباحث والمختبر حتّى يبلغ أهدافه من خلال التّجريب. لكنّ حقيقة النّور وإشراقه فيض يأسر القلب قبل العقل. فهذا الفيض غير معنيّ بالمعادلات المنطقيّة، بل هو لحظة خارجة عن الزّمان والمكان، متغلغلة في الوجود. فيض متجدّد مستمرّ، أقوى من الاستيعاب الإنسانيّ، وأعظم من المنطق البشريّ وأجلّ من العقل المشكّك والمتمرّد. ويظلّ هذا الفيض في مبادرة لا تنتهي متسرّباً إلى عمق الأعماق الإنسانيّة ليوقظ الأغوار السّاكنة حيث لا حسّ ولا سمع ولا بصر، حيث الصّمت المنتظر ثورة الحبّ ليرتبط بالله الحبّ. ولمّا كان الإنسان مخلوقاً على صورة الله ومثاله، ولمّا كان قد نفخ فيه نسمة حياة، فلا ريب أنّه قادر على استقبال هذا الفيض حتّى وإن كان يحيا في الظّلمة القاتمة، "لأنّ الله يشرق شمسه على الصّالحين والأشرار، ويمطر على الأبرار والظّالمين". 
ليس من أحد صالح بالكامل، وليس من أحد شرّير بطبيعته. الإنسان كيان يختبر ذاته ومحيطه ووجوده، وينتقل من مرحلة إلى أخرى. تارة يهوي وطوراً يرتفع، وتارة ينحدر إلى أسفل ترابيّته، وطوراً يرتقي إلى النّفحة الإلهيّة الكامنة فيه، حتّى إذا ما لسعه الفيض النّورانيّ وأضرم فيه نار الحبّ تلاشت قواه التّرابيّة وأشرقت مواهب النّور المنعَمِ عليه بها من النّور الّذي لا بدء له ولا نهاية. لا أحد يعلم متى تأتي السّاعة الّتي يحتدم فيها الشّوق الإلهيّ للإنسان، فينجذب إلى الحبّ وتزهر إنسانيّته. ولا أحد يقوى على الهروب من هذا الفيض النّورانيّ العشقيّ حتّى وإن كان غارقاً في بحر الموت، يتخبّط بأمواج الحقد والكره والضّغينة والسّخط والعداوة، "لأنّ الله يشرق شمسه على الصّالحين والأشرار، ويمطر على الأبرار والظّالمين".  
كلّما شرب الصّالح من النّور الإلهيّ ظمأ أكثر، وكلّما احترق به صمت وجاع  إلى المزيد من الاحتراق السّعيد. وأمّا السّالك في الظّلمة فلا بدّ من أنّه في لحظات قد تكون عابرة يتراءى له النّور، بغضّ النّظر عن قبوله أو رفضه. فالصّورة الإلهيّة المنطبعة فيه لا تبرح تقرع باب قلبه وتقلق منامه وتحرّك الضّمير.
نحن ننظر إلى الإنسان من خارج ونحكم على السّلوك دون العودة إلى الأحكام الظّرفيّة والتّربويّة ودون الأخذ بعين الإعتبار قسوة الاختبارات وبطش الأسى. فإذا نظرنا إلى الأعماق الإنسانيّة وجدنا التّعاسة الّتي يحياها ذلك الإنسان، وأشفقنا على شقائه وبؤسه. لكنّ الله الحبّ ينظر إلى تلك الأعماق ويلامسها بنوره. والإرادة الألهيّة أكبر من التّعاسة الإنسانيّة وبؤس العبوديّة الّتي يرزح تحتها وأعظم من العقل الضّعيف والمستكبر.
الكلّ مؤمن من جهة الله، والكلّ إناء للفيض الإلهيّ، والكلّ قلب عطش إلى تجرّع الحبّ الإلهيّ "لأنّ الله يشرق شمسه على الصّالحين والأشرار، ويمطر على الأبرار والظّالمين".

السبت، 7 مارس 2020

الذّاكرة وحدها لا تصنع شعراً


قراءة في قصيدة "رمل الذّاكرة" للشّاعرة اللّبنانيّة دورين نصر سعد



مادونا عسكر/ لبنان
"إنّ للذّاكرة عقلاً مثلما للعقل ذاكرة" (غاستون باشلار)
في هذه القصيدة تتعايش الشّاعرة دورين سعد مع الذّاكرة كعقل تعتزم أن تطلّ من خلاله على ملامح مستقبل محتمل. وإذ تستهلّ قصيدتها بجملة جازمة (لم تكن لحظة الكتابة مجانيّة) تعبّر عن معاناة خاصّة أعيتها الذّاكرة الملازمة للشّاعرة المتصادقة مع الماضي والغارقة فيه.
لم تكن لحظة الكتابة مجانيّة،
وضّبت فيها كلّ السّنوات السّابقة،
ورحلت...
إنّ الرّحيل يشهد لفعل الكتابة/ الارتحال، وبهذا تُكوِّن الشّاعرة في داخلها خطّاً فاصلاً بين الماضي والمستقبل وترحل إلى الماضي حيث تجد ذاتها فاعلة بشكل أو بآخر. فهي تجمع ذاتها الّتي تجدها في قلب الماضي وترحل إليه لتلاقي ذاتها فتحيي تلك الحالة الشّعوريّة الّتي تمنحها بعض الاطمئنان، وهي العالمة بأنّ الماضي تاريخ لا يمكن استعادته بالفعل إلّا من خلال الذّاكرة. (فاوضت الماضي لأستعيد منه/ نافذتي التي أغلقتها). يبدو أنّ الشّاعرة في نزاع مع الماضي، ولقد عبّر الفعل (فاوضتُ) عن قرار باستعادته وإحيائه بل استحضاره وتجسيده ليكون حاضراً مستديماً. وفي حين أنّ دلالة النّافذة غالباً ما تكون إطلالة على المستقبل، تقرّر الشّاعرة أن تفتحها على الماضي لتتنفّس من خلال الذّاكرة ما يحييها ويحرّك حياتها الرّاكدة. (أشمّ رمل الذّاكرة). وبهذه الدّلالة تجعل من الذّاكرة عقلاً داخل العقل/ عقل الشّاعرة أو وعيها الّذي من العسير أن يتفاعل مع الحاضر أو المستقبل؛ لأنّه مهيّأ إراديّاً للولوج في تفاصيل الماضي الّتي دلّت عليه لفظة (الزّوايا).
فاوضت الماضي لأستعيد منه
نافذتي التي أغلقتها
تلك الليلة
علّني أعيد فتحها،
فأشمّ رمل الذاكرة
الذي اندثر
في منعرجات الوقت،
وأحصي تلك الزوايا
التي كوّمت فيها أيامي المعطّلة...
يدلّ لفظ (الرّمل) على أشخاص أكثر منه على أمكنة، فالحزن الثّقيل الّذي تحمله القصيدة لا يشير إلى حنين إلى الماضي بشكل عام، وإنّما يدلّ على ارتباط خاص فقدته الشّاعرة وهي تتوق إلى العودة إليه لتتحرّك حياتها وتحيا. وما هذا الحزن إلّا عائق أمام الشّاعرة، فهي الغارقة بالقوّة في ماضٍ بعيد لا يعود، مقيّدة بالفعل في حاضر يتّجه كلّ لحظة نحو الماضي وهي عاجزة عن الخطو نحو المستقبل لأنّ الحياة بالنّسبة لها، هناك، حيث الأنفاس في الماضي البعيد. وقد لا تتمكّن من المضيّ إلّا من خلال الذّاكرة، لكنّها تمضي بشكل عكسيّ ما يجعلها عاجزة لأنّ الماضي يصبح حضوراً افتراضيّاً حتّى وإن كان الحقيقة الوحيدة في ذاكرة الإنسان، إلّا أنّه ما إن يندثر يمسي حقيقة غائبة. لذلك نرى الشّاعرة تفاوض دون أمل حقيقيّ في استعادة الماضي المندثر (فاوضت... عَلّني)
في عمقها، تعي الشّاعرة مدى عجزها، فهي تمسك بخصوصيّتها الكامنة في الماضي، لكنّها لا تستطيع شيئاً. وإن أرادت اختراق الظّلمة الحاضرة فلتوقف الزّمن لحظة حضور الماضي فعليّاً. ما هو غير ممكن بل مستحيل.
وأشعل نجمة
لتبرق في سمائي الداكنة،
تلك المواعيد التي أجّلتها
ما زالت عالقة
في قبضة يدي
لذلك تقف هنا في اللّحظة الحاضرة العابرة وتستحضر الرّغبة في الكتابة عن الماضي لكن دون جدوى. فالكتابة لم تمنحها سعادة لتجسد الماضي بكلّ مقوّماته لتستعيد أنفاسها. وإن دلّ فعل الوقوف على أمر فهو يدلّ على تعطّل الحياة لا على الثّبات. فالشّاعرة تجعل من المستقبل ماضياً قادماً، وكأنّي بها ترافقت وحزن معطّل للقدرة الإنسانيّة على جعل الماضي انفتاحاً على المستقبل.  فإذا كانت الكتابة رغبة غير متحقّقة فلن تجد فعلها الحقيقيّ في إخراج الشّاعرة من ذاتها لتعبّر بشكل أفضل عن حالتها الشّعوريّة. لذا بدا الحزن طاغياً ومعطّلاً لانطلاق الشّاعرة في التّعبير عن نفسها. فهي لم تعبّر عن عمق الحالة، ولم  تخرج القصيدة من عمقها الدّفين وإنّما من عقلها المحاكي الذّاكرة/ العقل.
وأنا
ها
هنا
واقفة
بين رغبتي في الكتابة
وخطواتي العابرة،
بين هيئة الماضي الاحتمالية
و ذكريات الغد التي لم ألمسها بعد...
لقد سجنها الماضي الحلم وقيّدتها الذّكرى البعيدة واستحوذ عليها الارتحال وسُلبت منها الإرادة الفاعلة واستحكم بها عقل الذّاكرة.
أجدني أراقب
تلك الوجوه التي لم أصادفها،
مع أنّ نشيجها يضجّ
في أعماقي...
ذاك الشريط الافتراضي
رقّعته بضوء تجمّد
في السماء
يوم غادرت بأيد فارغة...
وتركت كلّ ما كان لي
ككاتب رقد في كتابه،
و لم يصح بعد...
هي هنا بالقوّة وهناك بالفعل. وإن حرّكت فعل الإرادة فلِتتخلّى عن كلّ شيء في سبيل لا شيء. وهي غير متحكّمة بالماضي وبالتّالي لن تتمكّن من التّحكّم بالمستقبل، بل إنّها فاقدة لرؤيته. لذلك تفتقد القصيدة إلى رؤية خاصّة بالشّاعرة، كما أنّها تفتقد إلى عنصر الحزن البهيّ الّذي يحرّك عمق الدّلالات ويخلق بهاء خاصّاً للقصيدة. فالحزن المعادل للكآبة يجمّد المعاني ويوقف الزّمن ويحول دون تفجير الأعماق. وبهذا المعنى تمسي القصيدة مجرّد تعبير عن المشاعر بدل أن تستحيل عنصراً مقاوماً يفجّر الإبداع الخاصّ، فالشّعر لا يحيا ولا يكون مؤثّرا إلّا إذا كان متردّدا في معناه بين طرفين: الرّؤيا والحزن البهيّ.