‏إظهار الرسائل ذات التسميات مواضيع تربويّة. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات مواضيع تربويّة. إظهار كافة الرسائل

الجمعة، 27 يناير 2017

كيفيّة مساعدة التّلميذ على تحقيق النّجاح المدرسيّ


مادونا عسكر/ لبنان

النّجاح المدرسيّ غير مرتبط بالحصول على علامات عالية، لأنّه واقعيّاً، ثمّة تفاوت في المستويات بين تلميذ وآخر، إن من ناحية الاستيعاب، أو القدرات، أو الأسلوب المتّبع في الدّراسة. ممّا لا شكّ فيه أنّ التّلميذ يواجه صعوبات دراسيّة، ففي المدرسة ومع كلّ المناهج المتّبعة، يُطلب منه استخدام كلّ طاقته في التّحصيل الدّراسيّ الّذي يهدف إلى توسيع الآفاق الفكريّة والذّهنيّة، في سبيل أن ينموَ فكريّاً ونفسيّاً وجسديّاً بشكل سليم. ما يساعده  على توظيف كلّ قدراته وخاصة مقدرته على التّأقلم مع كلّ الأوضاع المستقبليّة أو المهنيّة. كما يُطالَب التّلميذ من أهله ببذل كلّ الجهود بهدف التّفوّق، إلّا أنّ الأهل بشكل عام يتعاطون مع التّحصيل العلمي وكأنّه استحقاق دائم. فيتوتّرون باستمرار، ممّا ينعكس ارتباكاً وقلقاً دائميْن على التّلميذ فتتقلّص قدرته على التّجاوب بشكل صحيح في جوّ من الرّاحة والأمان والسّهولة.
- كيفيّة تأمين الجوّ المناسب للتّلميذ:
تستند كيفيّة الاهتمام بالتّلميذ ومساعدته على تحقيق نجاحه إلى المبادئ التّالية:
- التّشجيع: الكلمة التّشجيعيّة أساسيّة لكلّ ما يقوم به التّلميذ، وهي تسانده وتدفعه ليكمل مشروعه. من المهم لفت النّظر إلى النّجاحات الّتي يحقّقها، والتّحدّث معه باستمرار عن نشاطه ومشاكله وأصحابه، مع الحرص على عدم انتقاد كلّ تصرّف سلبيّاً. فكلّ انتقاد سلبيّ يؤلم التّلميذ ويقلّل من حماسه في اختبار قدراته.  كما أنّ التّشجيع يستند إلى تخصيص الوقت الكافي لمساعدة التّلميذ  على تحقيق كلّ اهتماماته وواجباته المدرسيّة، ومساعدته على التّعبير عن الصّعوبات الّتي يواجهها، وذلك بالتّفكير معه ومواكبته. المدرسة لا تقتصر على الورقة والقلم والمسابقة والدّرس، بل تتخطّى هذه العناصر لتؤسّس لهيكليّة حياة كاملة ينمو فيها التّلميذ على جميع الأصعدة.
- الالتزام: على الأهل أن يلتزموا من خلال حضورهم الضّروري في حياة أولادهم. والحضور يعني الوعي لما يحصل في حياة الأولاد. كما ينبغي الإصغاء لكلّ ما يمرّ في حياتهم، فيخصّصون الوقت الكافي للاستماع إليهم. كذلك الاهتمام بالنتائج المدرسيّة، ومعرفة كيفيّة قراءتها. فغالباً ما يقرأ الأهل المعدّل كنتيجة نهائيّة، وهذا أمر فاشل جدّاً. فالأفضل والأمثل قراءة نتيجة كلّ مادّة بمادّتها لتبيان تقدّم التّلميذ من تراجعه. وبالتّالي يُعالَج الموضوع بالطّريقة الممكنة لمساعدة التّلميذ على تحقيق نجاحه.
- النّظام: بقدر ما يحدّد الأهل نظاماً واضحاً وجادّاً، يحدّد من خلاله ساعات العمل الدّراسيّ بشكل ثابت، يلقى التّلميذ الإطار السّليم والصّحيح ليوظّف كلّ طاقاته الفكريّة.


أهمّية اللعب عند الأطفال

مادونا عسكر/ لبنان

بعض التّيارات الفكريّة تتحدّث عن أهمّيّة اللّعب عند الأطفال، كوسيلة لتنمية قدراتهم الفكريّة والنّفسيّة، وذلك من خلال استخدامهم مخيّلتهم وكيفيّة تصوّرهم للأمور.  كما أنّ البعض يرى أنّ اللّعب يسمح للطّفل بالتّعبير عن شعوره الدّاخليّ، فيحوّل كلّ الضّغوط الّتي واجهها خلال العام الدّراسي ليفرّغها في اللّعب، ما يؤدّي إلى إحساس بالرّاحة وعيش للانفتاح.
- تحديد معنى اللّعب:
اللّعب هو ترك الّذات في قلب النّشاط للتّرفيه عن النّفس والاستمتاع. ليس للّعبة بحدّ ذاتها هدف خاص بها، وإنّما ومن خلال اللّعب، يأخذ الطّفل ما هو بحاجة إليه. بشكل أو بآخر، للّعب هدف تربويّ يسمح للمربّين بالوصول إلى أهدافهم التّربويّة. ويمكن للّعب أن يكون مصدراً مهمّاً لاكتشافات الطّفل الجديدة، وبالتّالي عمليّة النّموّ الفكري والجسدي والرّوحي.
- باللّعب يكتشف الإنسان ذاته والعالم من حوله:
أن يلعب الطّفل فهذا يعني أن يكتشف محيطه وبيئته. ما يجعل من اللّعب وسيلة لاكتشاف الجسد ومحدوديّته، ويتيح للطفّل تعلّم كيفيّة استخدام المتوفّر لديه. كما أنّ امتلاك بعض الألعاب يحوّل طريقة اللّعب إلى سياسة تربويّة، تترك عند الطّفل علامات استفهام تجريبيّة، من خلالها يكتشف قيمة الأشياء، وإمكانيّة التّعاطي معها. هذا الاكتشاف لا يختصّ فقط بالألعاب وإنما بالقيّمين على الطّفل في فترة اللّعب. فيجد الطّفل أن أهله فخورون به إذا ما قام بعمل إيجابيّ، كالرّسم أو العمل اليدوي... فتتطوّر العلاقة بين الأهل والأطفال، وعندها يحقّق اللعب هدفه التّربوي. وبالتّالي يشعر الطّفل بوجوده وقيمته الفعّالة في محيطه، ما يكسبه مقدّرات ومعطيات تجعله في ما بعد إنساناً ناضجاً.
- اللّعب وسيلة لتحريك المخيّلة:
بتحريك المخيّلة واستدراج ملكاتها يصبح الطّفل خلّاقاً في حياته اليوميّة. فالأشخاص غير الخلّاقين يصعب العيش معهم، لأنّهم لا يملكون مرونة التّصرّف أمام أبسط المشاكل. وبالتّالي فإنّ اللّعب يحقّق للطّفل قدرة على خلق الحلول للصّعوبات واختبارها، وذلك يكون يتشغيل المخيّلة وتدريبها، فيبدع.    

من خلال الاكتشافات الّتي يختبرها الطّفل، ينمّي قدرات التّعلّم. وفي كلّ مرّة يكون هو سيّد الموقف في اللّعبة، يشعر أنّه مقدّر وذو قيمة، تجاه ذاته وتجاه محيطه. فتزداد ثقته بنفسه وتتقوّى شخصيّته، ويدخل بعلاقة مع الآخرين. واللّعب كوسيلة تعبيريّة، يدفع أولادنا لأن يكونوا أكثر انفتاحاً على الآخر، ويجعلهم يتّبعون الطّرق السّليمة ليأخذوا المبادرات ويسيروا نحو النّضج بخطى ثابتة. 

التّربية بين المحبّة والسّيطرة


يواجه الأهل اليوم مشكلة حقيقيّة وعقيمة تتجلّى في عدم القدرة على تربية الأبناء على الطّاعة. وذلك إمّا بسبب عدم معرفة مفهوم الطّاعة وإمّا بسبب اعتبار كلمة طاعة معيقة لنموّ شخصيّة الأبناء، إمّا لأنها باتت فكرة قديمة لا تجاري عصرنا الحالي ولا تواكب التّربية الحديثة. ونسمع الكثير من الآباء والأمّهات يقولون: "لا أستطيع السّيطرة على ابني أو ابنتي".
هذا الخلل أو هذه المشكلة لا يعود سببها إلى الأبناء وإنّما تبدأ مع الآباء والأمّهات. فكلمة طاعة لا تعني الخضوع بالمعنى القمعيّ للكلمة أو تنفيذ الأمر دون اعتراض، وبالتّالي فإنّ كلمة سيطرة لا تتناسب مع التّربية ولا توجّه الأبناء بشكل سليم. فالقمع يخلق عبيداً سيتمرّدون لاحقاً أو يتصرّفون بالخفاء بما يتناسب وأهوائهم.
الطّاعة هي فعل محبّة وثقة بالشّخص الواجب طاعته، وهي تسليم إرادي ناتج عن قناعة وإدراك بأنّ هذا الشّخص هو مصدر الأمان والخير والحبّ. قد لا يكون أبناؤنا يتمتّعون بهذا الإدراك وهم يطيعوننا إلّا أنّهم يعون في داخلهم أنّ أهلهم لا يريدون لهم إلّا الخير، شريطة أن يتقن الأهل كيفيّة تدريب الأبناء على الطّاعة. هذه التّقنيّة تدعى المحبّة والاهتمام وتربية الطّفل منذ صغره على الالتزام بالقوانين إراديّاً وعلى تقبّل المحاسبة عند عدم الالتزام. وذلك يكون بالحوار والمناقشة وتبيان الصّواب من الخطأ. ليست الطّاعة أن نعلّم أبناءنا على قول (نعم) كيفما كان ولأيّ كان، وإنّما مساعدتهم على فهم المطلوب منهم حتّى ينفّذوا إراديّاً بدون أيّ شعور بالقمع أو التّرهيب.
كلّ الآباء والأمّهات يحبّون أبناءهم بدون أدنى شكّ، ولكنّ قسماً منهم يحبّ محبّة تنطلق من الذّات البشريّة، فيبني شخصيّة ابن/ ابنة هشّة وسطحيّة وضعيفة تودي به إلى الهلاك. وأمّا القسم الآخر فيستمدّ محبّته من الله فتكون المحبّة معلّمة ومؤثّرة، قوامها الاحترام للكلمة الأبويّة الّتي تشكّل مرجعاً بالنّسبة للأبناء. 
 التّواصل المحبّ بين الأهل وأبنائهم لا يُخلق من فراغ وإنّما وعي أنّ المحبّة ليست استهتاراً أو تلبية رغبات بشكل عشوائيّ، وإنّما المحبّة فعل إلهيّ في نفوس البشر تنير أذهانهم بالحكمة وتفتح بصائرهم وتعلّمهم كيفيّة التّعامل بصدق وأمانة مع أبنائهم.