السبت، 21 يونيو 2025





 وادي العظام

 

الأمواج القادمة أعتى

صفعات الرّؤى المقدسة تجدل حبال السّوط

تنهال ضرباً على جثث تتنفّس.

الملائكة السّائرة خلف النّبي

تزعق،

تبشّر بتحقّق النبوءة.

حلم نبيّ أم رؤى أم هلوسة عقل،

أم سطوة الخرافة المتعششة في أزمنة سحيقة؟

لا أعرف...

أتباع النّبي، كذلك

لا يعرفون...

يمرّون، يلملمون الرّؤى

ويتنبّأون.

لكنّ العظام لا تجتمع

ولا تكتسي لحماً!

يدوسون عليها، يسحقونها

ويتهلّلون.

الكلّ متواطئ

إلّا المشردين المبعثرين الحيارى

الكلّ متواطئ

إلّا الطيور الهاربة من فوضى الغضبْ.

مات النّبيّ وعاشت الرّؤى،

فازعقي أيتها الملائكة

لملموا العظام أيها المهلوسون

اسحقوها مراراً وتكراراً

حتّى يتنسّم الرب رائحة الشواء.



مادونا عسكر/ لبنان


الأحد، 11 مايو 2025

 





فقّاعة

 

أطفالٌ متهافتون مزدحمون

والدمّع  اليابس في المقلِ

يروي النّصوص العابرة  العابثة

يلوّح لهم فتات الخبز المتساقط عن مائدة العسس.

الكون كلّه فقّاعة هواء

خدعة الأجيال الغابرة واللّاحقة

المحطّمة على صخرة الأوهام الكبرى.

الضجيجُ الفارغ في أذهان الجماهير

فقّاعة هواء

تهوي بالسّوط على أجساد نحيلة

تمزّق الشّرايين

تعبث بالعقول.

الوعودُ المترنّحة في حانات حقوق الإنسان

فقّاعة هواء

يلوكها المتأنّقون في دياميس اللّصوص.

صغاراً،

كنّا حكماء،

نهزم فقاعات الهواء، ضاحكين، فرحين

كباراً،

تجري خلفنا

تصفعنا

كلّما لاح في الأفق أمل النّجاة.

 

 

الأحد، 4 مايو 2025

 



مادونا عسكر/ لبنان

رسالة إلى سيزيف

جاثياً،

يرمق سيزيف صخرته اللّعنة

يتحسّر، يتألّم،

تضيق الأنفاس الصّلبة

ينزف القلب الشّقاء

والدّمُ،

قطرة قطرة يداعب الحجر العظيم

يتوسّل زيوسَ الرّحمة.

الرّحمة؟ّ!

من ذا الّذي يقف أمام الموت متحَدّياً  نشوة الخلاص؟

من ذا الّذي يرجو عناق صخرة في أبديّة هزيلة؟

إنّ الحياة أوهن من نسمة

تلفح ناراً مستعرة

لاشيءٌ يهشّم المعنى

وحلم خجول يشحذه سيف العبث.

صفعة الأقدار ليل عاتٍ

فَقُمْ يا سيزيف واحضن صخرتك اللّعنة

واصعد إلى فوق، ثمّ إلى فوق

التقط أنفاس الأيّام الضّائعة

جُل بطرفك على الخواء المعلّق

ما بين فضاء لانهائي وأسفل عاجز

 ثمّ تدحرج وتدحرج وتدحرج

حتّى تنطفئ الشّمس وينتحب البحر زرقته الواهمة.

سيزيف،

صحوة التّمرّد القاتلة

منازع الموت الرّحيم

كبّلتَ الموت فسحقتك الحياة.

 

 

 

 

 

 

السبت، 19 أبريل 2025



Portrait imaginaire d'Horace par Anton von Werner.


مقطع من قصيدة "لوحات الطّبيعة"للشاعر الفرنسي مارنيزيا المتوفى سنة ١٨٠٠م

ترجمة مادونا عسكر/ لبنان

 

.Horace ne vit plus qu'au  temple  de  mémoire

.Il n'est resté de lui que ses vers et sa gloire

,Pour l'ami qui survit, triste soulagement  

! Mécène en ses jardins élève un monument 

,De ses bois fréquentés par tant d'hommes célèbres

.Il ne recherche plus que  les cyprès funèbres

Sous leur ombre lugubre il cède à ses douleurs

.Et se livre au plaisir de répandre des pleurs

,Asile de la mort, retraite taciturne

,Vous élevez son âme ! Appuyé sur une urne  

,Du songe de la vie, il voit la vanité  

.Et de son terme enfin, n'est plus épouvanté

,Il mesure l'abyme et veut, près d'y descendre  

,Aux restes d'un ami qu'on unisse sa cendre 

,Il embellit la mort dans sa touchante erreur  

.Et croit que dans la tombe il sentira son coeur

Mais c'est en vain qu'il veut préserver sa poussière

:De l'empire du temps sur toute la matière   

,Rien ne reste de nous, quand nous ne sommes plus  

.Si nous ne  survivons par l'éclat des vertus

Essai sur la Nat. champ, poèm. Ch. 2

 

هوراس* ما عاد حيّاً إلّا في معبد الذّاكرة.

ما بقي منه إلّا أبياته ومجده.

للصّديق النّاجي، راحة حزينة،

ماسيناس* في حدائقه شيّد نصباً!

في غاباته المرتادة من رجال مشهورين،

ما عاد يبحث إلّا عن السّرو الجنائزيّ.

في ظلّه الكئيب يرضخ لآلامه

ويستسلم للذّة ذرف الدّموع.

ملاذ الموت، اعتزال صامت،

أنتم ترفعون روحه! متكئاّ إلى جرّة،

من حلم الحياة، يرى الغرور،

ومن أجَلِه أخيراً، لم يعد مرعوباً.

قريب من حافة الهاوية، يقيسها ويريد

أن يتّحد برماد صديق؛

يجمّل إثم الموت المؤلم ،

ويؤمن أن في قبره سيشعر بقلبه.

لكنّه عبثاً يسعى لِصَون غباره

من سطوِ الزّمن على كلّ مادّة:

لا يبقى منّا شيء، حين نفنى،

 إذا لم ننجُ بإشراقة الفضائل.

--------------------------------------------------------------------------------

*هوراس: شاعر غنائي وناقد أدبي لاتيني من رومانيا القديمة. ٦٥ق.م-٢٧ ق.م

*ماسيناس: رجل سياسي روماني، اشتهر بتكريس ثروته وتأثيره للفنون والأدب. 

 





لعنة البركة


مجرّد خبر

مجرّد عدد

مجرّد أنين

مجرّد ذلّ

مجرّد تشرّد...

تعزف خرافة المجبولين بالوهم،

بالخرافة،

سمفونية النّحيب الكاذب

على أوتار صخرة خرج منها ماء

على وقع أقدام

عبَرت مستنقعات الدّم،

يقودها منذ البدء

السّفّاح الأعظم...

وهم الوهم.

خرافة تصارع خرافة

على وقع صمت الأشلاء

على مرأىً من عين عمود النّار.

خرافة تنازع خرافة

وتغلب،

وتمضي،

وتبني مذبحاً،

وتقول:"ها أنا، غلبت، لأنّي رأيت ما رأيت وبقيت حيّة!"

مجرّد خبر

مجرّد عدد

مجرّد أنين

مجرّد ذلّ

مجرّد تشرّد...

الموت الجائع لا يشبع

أتون النّار لا يخمد

يتجرّع الفتية الصديقين

ولا تصير النّار برداً

يتضرعون واللّهيب يستعر

يسبّحون ولا من يستجيب.

إنّ يعقوب هناك

يصارع الله

ويغلب.

إنّ يعقوب هناك

على مذبح اللّعنة

يسبّح نفسه،

ويغلب!