الجمعة، 27 يناير 2017

إلى روح مي زيادة ( بمناسبة اليوم العالمي للمرأة)


مادونا عسكر/ لبنان
"مي زيادة"، زهرة لبنان ومصر وفلسطين، الكاتبة الرّائدة في دفاعها عن المرأة واستنهاضها من بؤس العبوديّة والرّائدة في حثّ المجتمع على تحريرها والوثوق بجوهرها، ما زالت مقالاتها حاضرة، وكأنّها تلقيها اليوم في شرقنا المسكين الّذي ما زال بمعظمه يستعبد المرأة ولا يحترم كيانها الإنسانيّ القادر على منح العالم أجيالاً غنيّة بالإبداع الفكري والعمليّ.
"إنّ المرأة تاريخ استشهاد طويل"، تقول مي زيادة، ولعلّها إلى الآن ما زالت تقبع في معتقلات العقول المتحجّرة والجاهلة. وحتّى  في البلدان الّتي تثابر فيها المرأة على إثبات حضورها الفعّال، هناك من يسعى إلى إعادتها إلى العصور الجاهليّة، وسلبها حقّها في التّعبير والقرار. ناهيك عن العنف الّذي تعاني منه، جسديّاً ومعنويّاً، في مجتمعات ذكوريّة تعتبر نفسها وصيّة عليها وكأنّها لم تبلغ سنّ الرّشد بعد. على الرغم من ذلك تسعى المرأة جاهدة لكسر كلّ القيود كيما تثبت باستمرار لمجتمعاتها أنّها بفكرها وعلمها وشخصيّتها الإنسانيّة قادرة على التّغلّب على كل ّ قيد، وأنّها ليست نصف المجتمع وحسب وإنّما هي أساسه المتين.  وتذكر ميّ، في مقالتها (ترقية الشّعوب): "كلّ إصلاح وارتقاء لا يقوم على أساس متين تتزعزع أركانه وينهار بنيانه، وما أساس كلّ إصلاح إلا المرأة. فمهما وضع مفكرونا من خطط حكيمة وبرامج صحيحة ليجعلوا من النّشء المصري شعباً أرقى علماً وأخلاقاً فإنّ برامجهم وخططهم لن تٌثمر الثّمرة المطلوبة ما لم يبدأ بترقية الفتاة وتعليمها تعليماً صحيحاً.  فهي مديرة المدرسة الأولى، وصاحبة البيئة التي سيتكوّن فيها ذلك النّشء والّتي لها أعظم الأثر في تقويم أخلاقه ومستقبل حياته."
إنّ إصلاح المجتمعات يبدأ من حيث يجتمع العقل والعاطفة معاً ليؤسّسا قواعد متينة ترتكز عليها الأجيال في سبيل تقدّم أوطانها. والمرأة إنسان قبل أن تكون أنثى، وبالتّالي وجب احترام إنسانيّتها والنّظر إليها بعقول منفتحة. وهذا ما يجب على المرأة أن تفرضه وليس لها أن تنتظر من أحد أن يمنّ عليها بحرّيتها وحقوقها.
في سنة 1939م انخرطت المرأة البريطانيّة في العمل بدون أن تتقاضى راتباً، وبذلك فرضت نفسها وقدراتها وشخصيّتها. والمرأة اليوم مدعوّة لمقاومة أيّ تعنيف أو أسر أو إقصاء بحكمة واتّزان مراعية واجباتها دونما التّخلّي عن حقها في الإنسانيّة. ونردّد مع زهرة النّهضة، مي زيادة: "ثقوا بجوهر المرأة! ثقوا بابنة اليوم تجدوا أبناء الغد أهلًا للثقة."





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق