الثلاثاء، 10 يناير 2017

شوق لا ينتهي

مادونا عسكر/ لبنان


 طوبى لك يا هواءُ،
ترحل إليهِ
وتبيت عندهُ...
طوبى لك، تداعب الوجنتينِ
وسحر الأجفان تلامسُ.
طوبى لك يا شمسُ
تدللين بنوركِ
صباحهُ...
وأرجوان الغروبِ
دمعه يمسحُ.

طوبى لك يا بحرُ،
بعمق نظراتهِ
تتملّى... وتثملُ
طوبى لك يا ترابُ
تلامس وقع أثارهِ،
والصمت تخطُّ في ثنايا الامواجِ
وآلاف القصائد تكتبُ
في الأعماق الزّرقاءِ...

طوبى لكمُ...
أنتم الساّكنون في جوار الحبيبِ
تتلون اسمهُ
أنشودة الحبِّ
في الصّباح والمساءِ
تسامرونهُ...
تسلّمون عليهِ،
تقبّلونهُ...
طوبى لكمُ،
تستقون من سحر عينيهِ.

يقتلني الشّوق... يحرقني
يطرحني عليلة،
على فراش الأشواق، أتألّمُ
إلى عناق الحبيب الروحِ
أتلهفُ،
وأتوقُ
لرؤية صوته العذبِ،
لسماع تغريد الطّيورِ من ثغرهِ.
ظمأت أنفاسي
لعطره البخور، يضمّخ كياني.

كما تشتاق السّفوحُ
إلى مجاري المياهْ،
وتتلهّفُ الرّبوعُ
إلى أريج الرّيحانْ،
كما يتوق الطّير إلى الربيعِ
ويتحرّق الأرز للقاء نيسانِ...
هكذا نفسي إليه تشتاقُ
وتتحرّقُ،
في ظلام الأيامِ
لضياء سراجهِ.

منذ ألف عامْ...
لا بل منذ البدءِ
كنّا في طيّات الأزمانِ،
نسكنُ،
وحبّا نبحثُ،
عن أحلام الروحِ
في قصائد الكمالْ.
وبعد ألف عامْ...
لا بل إلى الأبدِ، نخلدُ
في سرّ قدس الأقداسْ.

منذ ألف عامْ...
لا بل منذ البدءِ،
همست لي روحهُ:
"هات يدكِ
 تغرقُ في حنان يدي
واحرقي سماء روحي
بأنوار المحبة...
اِروني من خمركِ
وخوابيّ العتيقة
جدّدي ..."
وبعد ألف عامْ...
لا بل إلى الأبدِ،
أهمس لهُ،
مع الألم المنسابِ
في خلايا الجسدِ:
" حبيبي لي وأنا لهُ "...
فما همّ جسد يمرضُ
أم ألم في الكيان يتوغّلُ...
وإنّما سقم الجسد إلى زوالِ
وخلود الروح، إلى الأبدِ.

ما أحبّ مساكنك يا الحبيبْ،
ما أطيب ملح عبراتكَ...
أتذوقها، كأنها الشّهدُ
وعلى وجهي أمرّغها
كأنّها الدّفءُ...
ويعتصرُ القلبُ
يتلوّع، ويضطربُ...
يهلّ عليّ بهاؤكَ،
إلى الأعالي يرفعني
وفي حضن السماء يزرعني.

ما أحبّ مساكنك يا الحبيبْ
عبق السماء أريجها
أنغام الخلود، ألحانها...
أشتهي يا الحبيبُ
أن أرقد أبداً
في حنايا روحكَ،
في ظلّ جنانكَ،
أشتهي...
أن اضيعَ
في قصرك الأزليّ...

غداً، عندما نزور السماءَ
يا حبيبي...
غداً، عندما تخطف روحَنا
عربة من نارِ،
غداً، عندما يذوب جسدُنا
في بحر النّور السّرمدي،
ويسطع في خدر السّماء بهاءا
غداً، يا حبيبي...
عندما نزور السماءْ

سننثر حبّنا، على العالم، ورودا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق