السبت، 18 فبراير 2017

المرأة كائن مقدّس


مادونا عسكر/ لبنان
إذا كان الحديث عن استمراريّة المرأة في بحثها ونضالها من أجل حقوقها البديهيّة في شرقنا المسكين معيباً، فكيف إذا تكلّمنا عن سبيٍ للنّساء في عصر أقلّ ما يقال فيه أنّه عصر الانحطاط. وفي ظلّ صمت لا أخلاقيّ سواء أكان من الطّبقة الدّينيّة المعنيّة ببذل قصارى الجهود للحؤول دون حدوث هذه الجريمة، أم من المؤسّسات المعنيّة بحقوق الإنسان والمرأة، تبقى بضع كلمات متواضعة تحاول الإسهام في نشر الوعي قدر الإمكان كي لا يشهد مستقبل أبنائنا عاراً كالّذي نعيشه اليوم.
وبغض النّظر عن تاريخيّة سبي النّساء وعمّا إذا كان هذا الموضوع يرتكز على نصوص دينيّة وفذلكات تفنّد بنود الشّريعة وتجتهد لفرض قناعة ما خلاصتها أنّ السّبي تشربع إلهي يصبّ في مصلحة المرأة. ينبغي أن نبحث جدّياً في الأسباب الّتي تمنح الإنسان هذه القدرة على استضعاف المرأة واعتبارها مجرّد سلعة يمتلكها متى يشاء، ويعتدي عليها وعلى كرامتها الإنسانيّة نصرة للحق!
الأسباب عديدة وتنقسم بين مباشرة وغير مباشرة، وتساعدنا على فهم تقريبيّ لطريقة تفكير مجموعة من اللّصوص والمجرمين نثرتهم في شرقنا يد لعينة، ومنحتهم سلطة مطلقة ولو إلى حين، فأطلقوا العنان لوحشيّتهم وظلاميّة نفوسهم. فتسرّبوا كالوباء وأطاحوا بالأخلاقيّات والقيم وتطاولوا على الله باستعبادهم وقتلهم للإنسان. ومن الأسباب المباشرة الّتي توقظ الوحش فينا وتنمّيه وتطلقه في المجتمعات هي تلك الأساليب التّربويّة المقيتة الّتي تدعو إلى اعتبار المرأة كائنا ضعيفا ومنحطا، لا ينفع إلّا للخدمة. والتّي تعتبر المرأة مجرّد آلة للاستمتاع وإشباع رغبات الرّجل. فالتّربية أساس كلّ سلوك إنسانيّ وهي الّتي ترسّخ في داخله معتقدات ومفاهيم إمّا تساهم في بنيانه وبالتّالي بناء المجتمع وإمّا في تدميره وبالتّالي تدمير كلّ كيان إنسانيّ في المجتمع.
وهذا النّوع من التّربية شائع في مجتمعنا العربي سيّما أنّه مدعّم بالشّروحات الدّينية الّتي تارّة تتحدّث عن تكريم المرأة وطوراً عن تحجيمها وانتهاك كرامتها الإنسانيّة وإن بقالب دينيّ منمّق ولطيف يصبّ في مصلحتها والحرص على دخولها الجنّة!
وأمّا الهدف الأساسي من هذا المقال، فهو البحث عن حلول أو بمعنى أصح، تسليط الضّوء على سلبيّات عدّة إن تمّت معالجتها ساعدنا الأجيال المقبلة على احترام المرأة ككائن مخلوق على صورة الله ومثاله، وحافظنا عليها كإنسان هو كلّ المجتمع وليس نصفه. فتلك الّتي تحمل في أحشائها الحياة وتموت عن ذاتها لتمنحها للعالم، لا بدّ أنّها كائن مقدّس.
  يمكن الحديث عن ثلاث نقاط أساسيّة تحفظ للمرأة كرامتها الإنسانيّة، وتعزّز قيمتها كفرد فاعل ومثمر في المجتمع.
1- التّربية على أنّ المرأة كائن مقدّس:
المرأة إنسان مخلوق على صورة الله ومثاله وبالتالي فهي تحمل في قيمتها الكرامة والاحترام. ولقد منحها الله أن تعطي الحياة فتحملها في داخلها وتنميها وترعاها من قبل أن تهبها. ثمّ تنقص هي لتنمو هذه الحياة وتثمر. من هنا وجب على المربّين أن يثابروا على نشر هذا الوعي وترسيخه في النّفوس حتّى تتحوّل ثقافة مجتمعاتنا من ثقافة استعباد المرأة واعتبارها درجة ثانية إلى ثقافة احترام كرامة المرأة.
2- تطوير التّربية الدّينيّة:
والكلام عن التّطوير نعني به، إعادة قراءة النّصوص الكتابيّة وإخراجها من قوقعة حرفيّتها. ثمّ استبعاد كلّ نص ديني يشير من قريب أو بعيد إلى انتهاك كرامة المرأة. فسبي النّساء ارتكز على نصوص دينيّة، أضف العظات الدّينيّة المحرّضة على هذا الأمر. فرجال الدّين بأغلبيّتهم يتصرّفون بحسب خوفهم على ذكوريّتهم وسلطتهم الذّكوريّة. وبعضهم يخاف أن يناقش هذا الأمر كي لا يقع في المحظور ويهين الإله!...
3- حماية المرأة:

لن نناشد منظمة حقوق الإنسان أو حقوق المرأة، أو المنظّمات المعنية بحماية حقوقها لأنّه اتّضح أنّها بدعة كبيرة لا تجيد غير الكلام. ولن نعوّل كثيراً على الطّبقة الدّينيّة التي تتحفنا بعظات الخوف من فتنة المرأة لأنّها لا ترى  فيها إلّا هيكلها الخارجيّ. وإنّما نشدّد على التّربية الوالدية القائمة على احترام المرأة كإنسان وتشجيعها على الاستقلاليّة وتحفيز ثقتها بنفسها حتّى إذا ما خرجت إلى المجتمع قويّة وواثقة من نفسها ساهمت في تطوير هذا المجتمع وبنائه كما ينبغي للمجتمعات والأوطان أن تبنى. وأعدّت بنفسها قوانين ترعى حقوقها وتحمي شؤونها وتحفظ كرامتها. 

http://www.almothaqaf.com/alias-woman-day-4/890688.html

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق